سورة الانفطار - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الانفطار)


        


{الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7)}
{الذى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} صفة ثانية مقررة للربوبية مبينة للكرم مومية إلى صحة ما كذب من البعث والجزاء موطئة لما بعد حيث نبهت على أن من قدر على ذلك بدأ أقدر عليه إعادة والتسوية جعل الأعضاء سوية سليمة معدة لمنافعها وهي في الأصل جعل الأشياء على سواء فتكون على وفق الحكمة ومقتضاها بإعطائها ما تتم به وعدلها عدل بعضها ببعض بحيث اعتدلت من عدل فلانًا بفلان إذا ساوى بينهما أو صرفها عن خلقة غير ملائمة لها من عدل عنى صرف وذهب إلى الأول الفارسي وإلى الثاني الفراء وقرأ غير واحد من السبعة عدلك بالتشديد أي صيرك معتدلًا متناسب الخلق من غير تفاوت فيه ونقل القفال عن بعضهم إن عدل وعدل عنى واحد.


{فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)}
صورة اقتضتها مشيئته تعالى وحكمته جل وعلا من الصور المختلفة في الطول والقصر ومراتب الحسن ونحوها فالجار والمجرور متعلق بركبك وأي للصفة مثلها في قوله:
أرأيت أي سوالف وخدود *** برزت لنا بن اللوى وزرود
ولما أريد التعميم لم يذكر موصوفها وجملة شاء صفة لها والعائد محذوف وما مزيدة وإنما لم تعطف الجملة على ما قبلها لأنها بيان لعدلك وجوز أن يكون الجار والمجرور في موضع الحال أي ركبك كائنًا في أي في صورة شاءها وقيل أي موصولة صلتها جملة شاءها كأنه قيل ركبك في الصورة التي شاءها وفيه أنه صرح أبو علي في التذكرة بأن أيًا الموصولة لا تضاف إلى نكرة وقال ابن مالك في الألفية واخصصن بالمعرفة موصولة أيًا.
وفي شرحها للسيوطي مع اشتراط ما سبق يعني كون المعرفة غير مفردة فلا تضفها إلى نكرة خلافًا لابن عصفور ويجوز أن تجعل أي شرطية والماضي في جوابها في معنى المستقبل إذا نظر إلى تعلق المشيئة وترتب التركيب عليه فجيء بصورة إلى الماضي نظر إلى المشيئة وأداة الشرط نظرًا إلى المتعلق والترتب ويجوز أن يكون الجار متعلقًا بعدلك وحينئذ يتعين في أي الصفة كأنه قيل فعدلك في صورة أي صورة أي في صورة عجيبة ثم حذف الموصوف زيادة للتفخيم والتعجيب وأي هذه منقولة من الاستفهامية لكنها لانسلاخ معناها عنها بالكلية عمل فيها ما قبلها ويكون ما شاء ركبك كلامًا مستأنفا وما أما موصولة أو موصوفة مبتدأ أو مفعولًا مطلقًا لركبك أي ما شاء من التركيب ركبك فيه أو تركيبًا شاء ركبك وجوز أن تكون شرطية وشاء فعل الشرط وركبك جزاؤه أي إن شاء تركيبك في أي صورة غير هذه الصورة ركبك فيها والجملة الشرطية في موضع الصفة لصورة والعائد محذوف ولم يجوزوا على هذا الوجه تعلق الظرف بركبك لأن معمول ما في حيز الشرط لا يجوز تقديمه عليه.


{كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)}
{كَلاَّ} ردع عن الاغترار بكرم الله تعالى وجعله ذريعة إلى الكفر والمعاصي مع كونه موجبًا للشكر والطاعة وقوله تعالى: {بَلْ تُكَذّبُونَ بالدين} إضراب عن جملة مقدرة ينساق إليها الكلام كأنه قيل بعد الردع بطريق الاعتراض وأنتم لا ترتدعون عن ذلك بل تجترؤن على أعظم منه حيث تكذبون بالجزاء والبعث رأسًا أو بدين الإسلام اللذين هما من جملة أحكامه فلا تصدقون سؤالًا ولا جوابًا ولا ثوابًا ولا عقابًا وفيه ترق من الأهون إلا الأغلظ وعن الراغب بل هنا لتصحيح الثاني وإبطال الأول كأنه قيل ليس هنا مقتضى لغرورهم ولكن تكذيبهم حملهم على ما ارتكبوه وقيل تقدير الكلام أنكم لا تستقيمون على ما توجبه نعمي عليكم وإرشادي لكم بل تكذبون إلخ وقيل إن كلًا ردع عما دل عليه هذه الجملة من نفيهم البعث وبل إضراب عن مقدر كأنه قيل ليس الأمر كما تزعمون من نفي البعث والنشور ثم قيل لا تتبينون بهذا البيان بل تكذبون إلخ وأدغم خارجة عن نافع ركبك كلا كأبي عمرو في إدغامه الكبير وقرأ الحسن وأبو جعفر وشيبة وأبو بشر يكذبون بياء الغيبة وقوله تعالى:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6